مذكرات عاشق في غرفة العمليات
--------------------------------------------------------------------------------
أضواء باهرة تصطدم بعيني... وجوه تركض هنا و هنا
أين المشرط؟ أين المخدر و الكمامة؟ أين الاكسجين؟ يقول الطبيب..
في غرفة العمليات ممرضة تهمس لي بصوت يتصنع الثبات:
لا تخف انها عملية بسيطة جدا ... لا تفكر فيما حولك
قلت لها: ماذا ستفعلون؟
قالت : سيقومون بتغيير عدة صمامات في قلبك..
قلت: هل ستفتحون قلبي؟
قالت بدهشة: طبعا!!
قلت : وأين أخبئها الان؟ أين أبعدها عن العيون؟
قالت : من هي؟
قلت: أين الطبيب؟
نادت عليه فيما هو يرتدي قفازاته الطبية... قال و هو يتصنع الابتسامة: خيرا عزيزي؟
قلت: أنت ستفتح قلبي؟ ستتجول بين أروقته ستطأ أرضه و تقتحم جدرانه و غرفه؟؟
ادخل بصمت أيها الطبيب لا تفزعها بمشارطك .. لا تزعجها بطنين أدواتك .. لا تؤلمها بوخز عتادك ..ستجدها هناك وحيدة يتيمة..
سامحها أيها الطبيب .. لقد عبثت هذه الصبية بقلبي ، أحالته الى ساحة معركة ، الى أشلاء ممزقة.. أتظن أنك ستجد قلبا؟؟
لا لايا طبيبي ستجد بقايا قلب .. ستجد بقايا عمر.. ستجد بقايا انسان
لقد مارست شتى صنوف العنف و العدوان على هذا الخافق الضعيف بين الحنايا و لكن .. لم أستطع حتى أن أنهرها...!!
أيعاقب الانسان ذلك الليل الذي يغفو على نافذته كلما داهمته الهموم؟
اتركها يا طبيبي بين أنقاض قلبي .. دعها تعبث كما تريد .. دعها ترسم خريطة حياتها هنا..
قل لها أن النقش على القلب أحلى من النقش على الاوراق
و قل لها أن الصمامات التي دمرتها هي أحلى ذكرى لاعتلائها هذا القلب العليل..
طبيبي .. لا تزدحم أنت و ممرضاتك على باب قلبي فتفزعوها..انقر الابواب قبل اقتحامها .. و اتأذنها قبل أن تمد يدك بمشرط
قل لها آن أوان هذا القلب أن يرمم و يعاد بعثه الى الحياة .. قل لها أن تلك الصمامات هوت أخيرا بعد أ، عجزت عن استيعاب هذا الحب الذي يقوم على زرع القنابل بين الحنايا و الضلوع
قال الطبيب : أنت تهذي..!
ابتسمت له و قلت: انها أجمل هذيان و أحلى وهم..
قال : سنضطر الى أخذ شريان فرعي من جسدك لنزرعه في قلبك
قلت: لن تجد الشريان الذي تنشد .. ابحث عن شريان لم تمزقه اللوعة و لم ينسفه الحزن .. ولم يبليه الهوى..لن تجد سوى شرايين تنزف من كل اتجاه .. تنزف شكوى و ألما و بكاء..
يا سيدي لا أملك تلك الشرايين و لا أحمل داخلي أي نبض
أنت تضيع وقتك مع عاشق متهدم ..
خذ يدي ... هل تجد نبضا؟
خذ بصري... هل تجد نورا؟
خذ عمري.. هل تجد أملا؟
انظر الى سمائي.. هل تجد شمسا ساطعة؟
انظر في بحري... هل تجد موانئ آمنة؟
انظر في أرضي... هل تجد سوى القبور و الأشلاء؟
يا طبيبي اتركني و شأني
اتركني معها فقد غدرت بصمامات قلبي.. و غدرت بابتسامات عمري.. ولم يبق على النهاية الكثير..
فهذه الدقات المتهالكة التي يضيع بها كياني . تقول بأ، الدرب على آخره و أ، القمر الى محاق و النور الى زوال....
خذ أسلحتك و أدواتك و ممرضاتك و اتركني وحيدا فأنت لن تزيد دقيقة في عمري[b]